بسم الله الرحمن الرحيم
من أعمال رجب
إن الشهور كالمراحل إلى الموت وما بعده من المنازل ، وان كل منزل ينزله العبد في دنياه في شهوره وأيامه ، فينبغي أن يكون محله على قدر ما يتفضل الله جل جلاله فيه من إكرامه وإنعامه . ومذ فارقت إليها الناظر في كتابنا هذا شهر ربيع الأول الذي كان فيه مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما ذكرناه فيه من الفضل المكمل ، ولم تجد من المنازل المتشرفة بزيادة المكتسب افضل من هذا شهر رجب ، لاشتماله على وقت إرسال الله جل جلاله رسوله محمدا صلوات الله عليه إلى عبادة وإغاثة أهل بلاده بهدايته وإرشاده ، ولأجل حرماته التي يـأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته .
فكن مقبلا على مواسم هذا الشهر بعقلك وقلبك ، ومعترفا بالمراحل والمكارم المودعة فيك من ربك ، واملأ ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه ورضاه ومما يسرك أن تلقاه ، واجتهد أن لا تبقى في المنزل الذي تعلم انك راحل عنه ما تندم على تركه أولا بذلك منه ، فكلما أنت تاركه منهوب مسلوب وأنت مطلوب مغلوب ، وسائر عن قليل وراء مطايا أعمالك ، ونازل حيث حملت ما قدمت من قماشك ورحالك ، فأُحذر نفسي وإياك أن يكون المقتول من الذخائر ندما وشرابه علقما وعافيته سقما .
فهل تجد انك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك ، وتستدرك ما فرطت فيه من طاعاتك ونقل مهماتك وسعاداتك ، هيهات هيهات لقد كنت تسمع وأنت في الدنيا بلسان الحال تلهف النادمين وتأسف المفرطين وصارت الحجة عليك لرب العالمين ، فاستظهر رحمك الله استظهار أهل الإمكان في الظفر بالأمان والرضوان
صوم رجب
عن أبي الحسن موسى عليه السلام انه قال : رجب نهر في الجنة اشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر
روى الشيخ الصدوق بسنده عن كثير النوا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن نوحا ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة ومن صام سبعة أيام أغلقت عنه أبواب النيران السبعة ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية ومن صام خمسة عشر يوما أعطى مسألته ومن زاد زاده الله عز وجل .
حدثني محمد بن الحسن قال حدثني الحسن بن الحسين بن عبد العزيز المهتدى عن سيف بن المبارك بن يزيد مولى أبي الحسن موسى عليه السلام عن أبيه المبارك عن أبي الحسن قال : رجب نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل من صام يوما من رجب سقاه الله عز وجل من ذلك النهر .
وبهذا الإسناد ، قال أبو الحسن عليه السلام : رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسيرة مائة سنة ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة
من أدعية كل يوم في رجب
1- ( يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير الصامتين ، لكل مسألة منك سمع حاضر وجواب عتيد ، اللهم ومواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة ، فاسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي حوائجي للدنيا والاخرة إنك على كل شئ قدير . قال : واسر البواقي فلم افهمه .
2- عن أبي معشر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من أيامه :
( خاب الوافدون على غيرك ، وخسر المتعرضون إلا لك ، وضاع الملمون إلا بك ، وأجدب المنتجعون إلا من انتجع فضلك بابك مفتوح للراغبين ، وخيرك مبذول للطالبين ، وفضلك مباح للسائلين ، ونيلك متاح للآملين ، ورزقك مبسوط لمن عصاك ، وحلمك متعرض لمن ناواك ، عادتك الاحسان إلى المسيئين ، وسبيلك الإبقاء على المعتدين . اللهم فاهدني هدى المهتدين ، وارزقني اجتهاد المجتهدين ، ولا تجعلني من الغافلين المبعدين ، واغفر لي يوم الدين .
3- ( اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك ، وعمل الخائفين منك ، ويقين العابدين لك ، اللهم أنت العلي العظيم ، وأنا عبدك البائس الفقير ، وأنت الغني الحميد ، وأنا العبد الذليل . اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن بغناك على فقري ، وبحلمك على جهلي ، وبقوتك على ضعفي يا قوي يا عزيز ، اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين ، واكفني ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين .
4- عن محمد السجاد في حديث طويل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك هذا رجب علمني فيه دعاء ينفعني الله به ، قال : فقال لي أبو عبد الله عليه السلام : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، وقل في كل يوم من رجب صباحا ومساء وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك :
( يا من أرجوه لكل خير ، وآمن سخطه عند كل شر ، يا من يعطي الكثير بالقليل ، يا من يعطي من سأله ، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحننا منه ورحمة ، أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة ، واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة ، فإنه غير منقوص ما أعطيت ، وزدني من فضلك يا كريم .
قال : ثم مد أبو عبد الله عليه السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء وهو يلوذ بسبابته اليمنى ، ثم قال : بعد ذلك :
يا ذا الجلال والإكرام يا ذا النعماء والجود ، يا ذا المن والطول ، حرم شيبتي على النار . وفي حديث آخر : ثم وضع يده على لحيته ولم يرفعها إلا وقد امتلأ ظهر كفه دموعا
الاستغفار
وفي رواية : من استغفر الله تعالى في رجب وسأله التوبة سبعين مرة بالغداة وسبعين مرة بالعشي ، يقول : استغفر الله وأتوب إليه ، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال : اللهم اغفر لي وتب علي ، فان مات في رجب مات مرضيا عنه ولا تمسه النار ببركة رجب
قراءة القرآن
فيما نذكره من فضل قراءة ( قل هو الله أحد ) عشرة آلاف مرة في شهر رجب أو ألف مرة ، أو مائة مرة وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من قرأ في عمره عشرة آلاف مرة ( قل هو الله أحد ) بنية صادقة في شهر رجب ، جاء يوم القيامة خارجا من ذنوبه كيوم ولدته امه ، فيستقبله سبعون ملكا يبشرونه بالجنة
من عبادة السجاد عليه السلام في رجب
قال ابن طاووس : فيما نذكره مما كان مولانا علي بن الحسين عليهما السلام يعمله ويذكره في سجوده في أيام رجب روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فقال ما هذا لفظه : واعتمر علي بن الحسين عليهما السلام في رجب ، وكان يصلي عند الكعبة عامة ليله ونهاره ، ويسجد عامة ليله ونهاره ، وكان يسمع منه في سجوده : عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك ، لا يزيد على هذا مدة مقامه